الحلقة الأولى / قصة الجارية تَوْدَدْ

[center]بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

((وبعد)) فهذه قصة (الجارية تودد) وما جرى لها مع العلماء في حضرة أمير المؤمنين هارون الرشيد رحمه الله تعالى عليه .

حدثنا أبو بكر عن عبد الرحمن بن هشام عن إبراهيم اليماني مما مضى وتقدم وسلف من أحاديث الأمم .

أنه كان في سالف الزمان و سابق العصر والأوان رجل تاجر بمدينة بغداد دار
السلام يسمى ديناراً له شأن ومقدار وهو من التجار الكبار ممن وسّع الله
تعالى عليه دنياه ورزقه ما تمناه وكان ذا مال جزيل وعبيد وإماء وكرم وسخاء
وعزة وأمانة وشجاعة وديانة كثير الإحسان والكرم والحشم والخدم غير أنّه لم
يرزقه الله تعالى ولداً لا ذكراً ولا أنثى فكبر سنّه ودق عظمه وانحنى ظهره
فخشي على ذهاب ماله إن لم يكن له ولد يذكره بعد موته فتضرع إلى الله تعالى
وابتهل بالدعاء وصام النهار واجتهد في قيام الليل ونذر النذور لله تعالى.

فرحم الله تضرعه وشكواه واستجاب الله دعاءه ووهبه من فضله ما تمناه فما كان إلا
قليل حتى حملت إحدى نسائه فلما تمت أشهر الحمل أخذها الطلق كما يشاء خالق
الخلق فوضعت ذكراً كأنّه فلقة قمر بعينين كحيلتين وحاجبين أزجين وخدين
موردين شفتاه كالعناب وفمه كخاتم الأحباب .

(قال الراوي)
فعند ذلك فرح به أبوه فرحاً شديداً وأخرج الصدقات وأوفى النذور وكسا
الأرامل والأيتام فقطعوا سرته وكحلو مقلته وسمّاه أبوه "بدر الزمان" ولقبه
بشاس الموهوب من الله تعالى بعد الإياس فأرضعته المراضع وحضنته الحواضن
وكفلته الدايات وحملته المماليك وزينته وخدمته الجواري إلى أنْ كبر ونشأ
وترعرع وانتشى وصار له من العمر أربعة أعوام فقصد أبوه المسافرين طويلي
الأعمار في البراري والقفار والمهامه والأوعار والمخاطرين في لُجَجِ
البحار في الأهوال الغزار إلى سائر البلاد والأمصار والمدائن الكبار ممن
يجلب المماليك والجواري الحسان الغاليات الأثمان .

يتبع في الحلقة القادمة ... ودمتم سالمين